0

عقد موازنة بين طرق تقويم تخطيط المنهج و بين طرق تقويم تطوير المنهج  

المقدمة :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ... أما بعد:
نجد جميع الأمم في تنافس دائم في تربية أبنائها تربية صالحة تصعد بها على باقي الأمم ، وذلك بتربيتهم وفقاً لقيمها و عقائدها و تسعى لحمايتهم من التيارات الفكرية الهدامة، و تفتح أمامهم الباب للانطلاق بإبداعاتهم الفكرية ، حتى نصل إلى أجيال لا تعاصر الوقت الحالي بل تشارك في صنع المستقبل و تكون جزء منه .
نقطة الانطلاق إلى المشاركة في صنع المستقبل ، أن نخطط مناهجنا بناء على عقيدتنا وشريعتنا الإسلامية مع الأخذ بالمعاصر النافع مهما كان مصدره، والعمل الجاد على مواكبة التقدم العلمي والثقافي المعاصر. وفي الوقت نفسه، ينبغي أن يوجه كل متخصص في مجال معين  توجيهًا إسلاميا. (شوق ،2001م،ص 5)
فعملية التخطيط عملية مهمة جدا فقد كانت من أيام الرسول r عندما خطط لغزوة بدر بوضع الرماة على الجبل و حين خالف الصحابة رضوان الله عليهم ذلك كُسرت ثنية الرسول وشج وجهة ، بل كان التخطيط من أيام موسى مع فرعون عندما خطط لبناء صرح ليبلغ السموات ، ولكن لم يكن التخطيط بمفهومه الحالي من وضع بدائل .
كذلك الأمر للتطوير لكن أيضا ليس بمفهومة الحالي ، حيث كان بمفهوم التحسين أو التغير ، وقد تعرفنا سابقاً على الفرق بين مفهوم التطوير و بين مفهوم التغيير و التحسين ، و الآن  بعد التعرف على تخطيط المنهج و طرق تقويمه و كذلك تطوير المنهج و طرق تقويمه نسأل أنفسنا عدد من الأسئلة هي كالتالي :
هل التخطيط جزء من التطوير ؟
أم التطوير جزء من التخطيط ؟
أم أن التخطيط مفهوم يختلف عن التطوير؟
 أو أن التطوير و التخطيط مفهوم مترادفان ؟
هذا ما سنكشفه في أوراقنا التالية .




تمهيد :
إن  تقويم المنهج يؤدي أدواراً عديدة ووظائف مهمة تسهم في تطوير المنهج وزيادة فاعليته ، وحتى تتكامل عملية تقويم المنهج فمن الضروري أن يشمل التقويم المنهج نفسه كنظام مبني على أسس معينة ويشمل أيضاً مكوناته أو عناصره وهذا ما يسمى عادة بالتقويم الداخلي للمنهج ، بالإضافة إلى هذا يقوم المنهج في ضوء مقارنة المستوى الفعلي للمتعلم بعد دراسته  للمنهج بالمستوى الذي ينبغي أن يصل إليه هذا المتعلم وهذا ما يطلق عليه عادة بالتقويم الخارجي للمنهج  (فتح الله ، 2010م ، ص 290 )
وعند تقويم المنهج فنحن نقوم تخطيط المنهج وكذلك نقوم تطوير المنهج وقد حان الوقت لنتعرف على علاقتهم هذين المفهمين بعقد موازنه بينهما من حيث المفهوم و الأسباب وطرق التقويم و المعوقات.

عقد موازنة بين مفهوم تخطيط المنهج و بين تطوير المنهج :

مفهوم التخطيط:
 لغة :  كلمة "التخطيط" لغة "التسطير" أو "التهذيب".
نقول: خططت عليه ذنوبه أي: سطرت عليه ذنوبه.
و"خط القلم" تعني "كتب القلم" و"خط الشيء" تعني "كتبه بقلم أو غيره".
و"الخط" يعني "الطريق" ويقال: ألزم ذلك الخط ولا تظلم عنه شيئًا.
مما سبق، يمكن أن نستنتج أن "عملية التخطيط تعني تحرير وتهذيب طريق العمل. (ابن منظور،ص 1198)
 اصطلاحاً : إعداد خبرات وسياسات ونظم وأدوات وإجراءات محددة لتحقيق أهداف معينة بأفضل ما يمكن، أو أنه مجموعة من التدابير المحددة التي تتخذ لإنفاذ هدف معين  (شوق ،2001م،ص 24)
مفهوم التطوير :
لغة : التطوير مصدر من طور الشيء إذا نقله من طور إلى طور، أي من حال إلى حال. (ابن منظور،ص ص 2717-2718)
اصطلاحاً :  مفهوم معقد وشامل يقصد به التنمية و يهدف إلى تحقيق تحسن في مقومات النشاط إلى درجة بلوغ المستوى الأفضل .(جامعة طيبة)
لو نظرنا إلى مفهوم التخطيط نجد أن التطوير جزء من التخطيط ولو نظرنا إلى مفهوم التطوير نجد أن التخطيط جزء من التطوير ؛ بذلك نتوصل إلى أن التطوير جزء من التخطيط كما أن داخل التطوير تخطيط .
ويتضح ذلك في الشكل التالي :
شكل رقم  1 يوضح العلاقة بين مفهوم التطوير و التخطيط( اعداد الباحثتان)
مفهوم تخطيط المنهج :
" عبارة عن تصوّر لما ينبغي أن يكون عليه المنهج , من حيث التصميم ( تحديد الأهداف , واختيار المحتوى وتنظيمه ) , وكذلك الصورة التي يجب أن يكون عليها تنفيذ المنهج .و جميع الممارسات الخاصّة بمعالجته في الواقع  أوفي الميدان التربويّ  , بالإضافة إلى عمليّة التقويم التي يجب أن يراعيها المنهج , من حيث تحديد أساليب التقويم التي توضّح العائد التعليميّ / التعلّميّ لدى الطلاّب ؛ للاستفادة من ذلك في تحسين المنهج وتطويره "(سعادة , إبراهيم ,2011م, ص 352).
مفهوم التطوير المنهج :
"جميع الخطوات والأفعال والإجراءات التي من خلالها يمكن إصلاح المنهج وتحسينه بحيث تكون نقطة البداية هي دراسة المنهج الحالي لمعرفة نواحي القوة ونواحي الضعف فيه , وترجمة أهدافه إلى الواقع الحي تمهيداً لوضع الخطط والبرامج اللازمة لتحقيق هذه الأهداف ". (حسن ,2012م,ص 58).
 بعد تأمل التعريفات السابقة نجد أن العلاقة تكاملية بين مفهوم تخطيط المنهج و مفهوم تطوير المنهج ويتضح هذا أكثر في الشكل التالي :

فأنشطة المنهج  وعملياته  لا تنتهي حتى بعد أن يكتمل بناؤه وتؤلف فيه الكتب وتسلم إلى المعلمين للعمل به وتطبيقه بل لابد من مراجعته بعد فترة معقولة في تطبيقه لمعرفة نتائج هذا التطبيق وما الذي تمخض عنه تنفيذه من ناحية تحقق الأهداف ، أو ظهور بعض النقاط التي تحتاج إلى تعديل ، أو وجود بعض الحقائق والمعلومات التي ينبغي أن تضمن فيه ... ، فعملية المراجعة هذه ليست بالعملية السهلة ؛ تحتاج إلى أهداف وخطوات مرسومة تسير عليها إضافة إلى أدوات تساعد على تحقيق هذه العملية ، كما تسمى عملية الاستفادة من هذه  النتائج بعملية تطوير المنهج وهي أيضاً ليست بالسهلة .  ( الشافعي و الكثيري و علي ، 1996م ، ص 365)

عقد موازنه بين مسوغات تخطيط المنهج و تطوير المنهج :

عندما تعرفنا سابقاً على أسباب التخطيط و التطوير نجد أن أسباب التخطيط هي أسباب التطوير لكن تختلف في نقاط ، سيتضح ذلك بالشكل التالي:


عقد موازنة بين خطوات تخطيط المنهج وخطوات تطويره :

قامت الباحثتان بالمقارنة بين خطوات التخطيط المنهج و بين خطوات تطوير لنجد أن خطوات تطويره مماثلة لخطوات تخطيطه ،فبعض الخطوات في بعض الكتب تم دمجها تحت خطوة واحدة و البعض قام بتجزئتها لذا يعتقد البعض أنها تختلف عن بعضها البعض لكن في حقيقة الأمر هما متماثلتين إلى حد كبير .
خطوات التخطيط
خطوات التطوير
تعقيب الباحثتان
         التبرير المنطقي لعملية التخطيط
·        الشعور بالحاجة إلى التطوير .
الشعور بالمشكلة تتم قبل التبرير لعملية التخطيط .
         تحديد مجال التخطيط
·         
وتعد هذه الخطوة أيضاً في التطوير و إن لم تذكر في المراجع و الأدبيات .

·        تقييم المناهج الحالية وتحديد المناهج التي هي بحاجة إلى تطوير ، ومراجعة الخطة الدراسية ، و اقتراح التعديلات والإضافات اللازمة إلى الخطة الدراسية .
إن لم تذكر هذه الخطوة في التخطيط لكن لابد عند كل عملية تخطيط تقييم الوضع الحالي و النظر للتجارب السابقة وخصوصاً للعالمية و الاستفادة منها  .
·        مرحلة تصميم المنهج
                     أ‌-         تحديد الأهداف
                   ب‌-       اختيار المحتوى
                   ت‌-       اختيار الخبرات و تنظيمها
                   ث‌-       اختيار طرق التدريس و توضيحها
                    ج‌-       اختيار الوسائل وأساليب التقويم
·        مرحلة تصميم المنهج
                     أ‌-         إعادة تحديد أهداف المنهج الدراسي
                   ب‌-       تنسيق المقررات أفقيا ورأسيا .
                   ت‌-       تأليف الكتب المدرسية المطورة .
                   ث‌-       إعداد أدلة المعلمين المصاحبة للكتب الدراسية
                    ج‌-       تحديد الوسائل التعليمية المصاحبة .
قامت الباحثتان بإدراج الخطوات تحت تصميم المنهج لأن هنالك مؤلفات جمعتها و بعضها فصلتها ولكنها ذاتها
توضع الأهداف لأول مرة في التخطيط بينما في التطوير يعاد تحديدها 
وباقي الخطوات تتم في التطوير كما تتم في التخطيط.

         تجريب المنهج المخطط
·        تجريب المناهج الجديدة قبل تعميمها .
تجري هذه الخطوة في كلاهما، وبعض المؤلفين يضع بعد هذه الخطوة التقويم لكن في حقيقة الأمر هو أن بعد كل خطوة لابد من إجراء عملية تقويم

·        الاستعداد لتعميم المناهج الجديدة بتوفير المواد التعليمية  وتدريب المعلمين على استخدامها .
تتم هذه الخطوة قبل التجريب وبعد عملية التجريب أيضاً بعد أن يثبت المنهج فاعليته  لتعميمه .
         التعميم والمتابعة
·        التعميم الفعلي للمناهج الجديدة .
·        المتابعة والتقييم
تم دمج خطوتي التطوير في خطوة التخطيط ، وهذا ما تم ذكره سابقاً كون بعض المؤلفين يجزئ الخطوات أكثر من الأخر.

الموازنة بين طرق تقويم تخطيط المنهج وطرق تقويم تطوير المنهج


إن اختيار مدخلات المنهج المدرسي والكشف عن مدى مناسبتها وجودتها يتضمن تقويم الأهداف والمحتوى ، وأنشطة التعليم والتعلم المقترحة ، كما يشمل تحديد المستوى المبدئي للمتعلمين وحاجاتهم وميولهم ومشكلاتهم ، هذه الوظيفة تتعلق بمرحلة (التخطيط للمنهج ) وتكمن فائدتها العظمى فيما تقدمه من بيانات مهمة يتم في ضوئها اختيار مدخلات المنهج المناسبة   .
وفي ضوء ذلك يتم تحديد المواصفات والشروط  الملائمة التي يتم في ضوئها تنفيذ المنهج المدرسي ، مثل تدريب المعلمين وإعداد المرافق المدرسية وتجهيز المختبرات والمكتبات ، وتحديد عنصر الزمن وطريقة تنظمه وجدولته ، وإعداد عناصر الإشراف التربوي ... إلى غير ذلك من مواصفات يتعين التأكد من توافرها قبل البدء في تنفيذ هذا المنهج.
ثم بعد ذلك يتم تحديد والتعرف على نتاجات التعلم والاحتياجات اللازمة لهذا المنهج ومدى فاعليته من خلال تقويم هذه النتاجات ، وبهذا تأخذ عملية تقويم المنهج صورتها المنظومية المتكاملة والمستمرة ، التي تتابع سير المنهج ، بدءاً من مرحلة التخطيط ومروراً بإجراءات التنفيذ ، وانتهاءً بنتاجات هذا المنهج وما يحيط به من  بيئة بما تحتوي عليه من إمكانات مادية وبشرية ، الأمر الذي يؤدي  في النهاية إلى تطوير المنهج على أسس علمية سليمة . ( هاشم ، 2006م ، ص  251، 252 ؛ هاشم والخليفة ، 2011 م ، ص 193، 194)
وعلمية تخطيط المنهج يجب ألا تكون جامدة وثابتة  دون تعديل أو تحسين خلال الفترة الزمنية المقررة لها ، لكن يجب دوماً الاستفادة من الآراء الواعية في الميدان وبصفة خاصة المعلمين والطلاب معاً من أجل تطوير المنهج بصفة مستمرة ( سعادة وإبراهيم ، 2011م ، ص 489)  
 إضافة إلى أن عملية تطوير المنهج لا تنتهي بمجرد تعميمه وإنما لابد من متابعته وتقويمه باستمرار فعملية التقويم ضرورية ومهمة جداً في عملية التطوير وذلك بسبب التغذية الراجعة التي يمكن التوصل إليها من خلال ذلك على أن يكون بعد عملية البدء في التنفيذ للمنهج ، فهي عملية مستمرة لابد أن لا تنتهي وبالتالي فإن التعديلات والتغيرات التي تدخلها على جوانب المنهج تكون بصفة مستمرة بهدف الوصول إلى أفضل النتائج ولتحقيق الأهداف التعليمية المنشودة ( العجمي ، 2005م ، ص 366 )
ويمكن توضيح الموازنة بين طرق تقويم التخطيط وطريق تقويم التطوير من خلال الشكل التالي :

عقد موازنة بين معوقات تخطيط المنهج و معوقات تطويره :

ذكر كلا من (الخوالي ،2011م ، ص ص 107-108؛سعادة وإبراهيم،2011م،ص ص355،397-402؛شوق , 2001م,ص 443 ) معوقات التطوير بشكل عام شمل معوقات التخطيط لذا عدت معوقات التطوير هي معوقات التخطيط، ولكن في الحقيق هناك معوقات في التطوير تحدث في التطوير تختلف عن التخطيط مثال : رفض المجتمع للتغيير خوفاً من المجهول ، قناعة أصحاب القرار بصلاحية المناهج الموضوعة و أنها ليست بحاجة للتطوير .


0 التعليقات:

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.